مرتضى فرج
@murtazafaraj
متعلِّم على سبيل نجاة
ألا لعنة الله على أي حضارة أو ثقافة أو دين أو مذهب أو فلسفة أو مدرسة فكرية تقبل بقتل أكثر من مليوني بريء جوعًا. أحداث غزة لم تبق عذرًا لأحد للقبول بهذه الإبادة الجماعية الموثقة بالصوت والصورة لأول مرة بتاريخ البشرية. وقادة العالم "المتحضر" يتفرجون ويلعبون!
إبادة أهل غزة بالموت جوعًا، جريمة بشعة لن يغفرها العالم للصهاينة، ولن تغفرها الشعوب لأصحاب القرار، ولن تغفرها الأمم للغرب، ولن تغفرها سنن الله التي ستعاقب كل متخاذل. ألا يستحون؟ صدعوا رؤوسنا بحقوق الإنسان عقودًا طويلة، وها هم أطفال ونساء غزة الشرفاء يموتون جوعًا وهم يتفرجون.
المنصات الأخبارية في النت حملتنا اليوم مسئوليات أخلاقية وشرعية تفوق طاقتنا. في السابق، إذا وقعت فاجعة لم يدر بها الناس إلا بعد مرور ردح من الزمن. الآن نحن نعلم أن أهل غزة يموتون جوعًا، ونحن نموت معهم لوعة وكمدًا. يا رب ألهمنا ما العمل؟! اللهم إنا نشكو إليك شدة الفتن بنا.
من الحيل الدفاعية اللاشعورية عند فرويد، حيلة الإزاحة، وتعني أن يكون لديك انفعال تجاه شخص، كالغضب منه، وتعلم أنك لا تستطيع مواجهته، فتقوم بإزاحة هذا الانفعال إلى جهة تستطيع تنفيس غضبك عليها. قديما عبروا عنها عندنا هكذا "أبوي ما يقدر إلا على أمي". وهي حيلة تنتقص من مروءة الرجل.
إثارة العصبية القبلية لتصفية الحساب مع الدروز، إنما هو تضييع للبوصلة، وتقديم الناس على منحر البطش الصهيوني، بلا طائل. ادخروا قوتكم وعصبيتكم للتخلص من الكيان الصهيوني، وتحرير الأرض المحتلة، وليس لتفريغ الغضب بقفزة إلى المجهول. لا يستخفنكم الشيطان الذي يستفزكم بصوته إلى العصبية.
المجازر التي ترتكب في غزة، وأهلها الذين يموتون جوعًا الآن...نعم الآن...تم نسيانهم، وصاروا في ذيل الأخبار. صدر الأخبار وأذهان الناس صار في مجازر سوريا واحتلال العدو لجنوبها. يا فرحة الصهاينة بالأمة الخائبة. ذلك ليس لقوتهم، بل بسبب تشرذم الأمة وتنازع أبنائها وغبائهم.
البعض من بلادته، ولزيادة عدد المتفاعلين مع حسابه، أو لتفريغ حقده، مستعد أن يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لإثارة فتن طائفية وايغار صدور الناس على بعضهم البعض، في وقت ينهش العدو لحومنا جميعًا. نسى الله فأنساه نفسه، اتخذ دينه لهوًا ولعبًا، في أدق المنعطفات التي تمر بها الأمة.

العدوان الصهيوني على دمشق مًدان بشدة، ويعبر عن وقاحة واستهتار. الصهاينة هم العدو الحقيقي للأمة، آن الأوان أن يعي العرب والمسلمون هذه الحقيقة، ويتعايشوا فيما بينهم.
اللهم لا تضعنا بين كلب عقور ينهش لحومنا ويهدر كرامتنا، وثعلب ماكر يتظاهر بأنه صدر حنون يدافع عنا. اللهمَّ إليكَ أشكو ضَعفَ قوَّتي وقلَّةَ حيلَتي، وَهَواني علَى النَّاسِ. إلى من تَكِلُني؟ إلى بعيدٍ يتجَهَّمُني أَمْ إلى عدُوٍّ ملَّكتَهُ أمري. إن لم يَكُن بِكَ غضبٌ عليَّ فلا أبالي.
إنكار ما هو من الدين أو إضافة ما ليس منه إليه، أوضح صور الانحراف عنه. هناك صور من الانحراف عن الدين أخفى وأخطر من ذلك؛ وهو تصغير الكبير فيه، وتكبير الصغير، والعبث بأولوياته؛ بجعل ما هو في مركز دائرته بالهامش، وجعل ما هو بالهامش في مركزه. هكذا يتم تشويه الدين دون أن يلتفت أحد.
نصيحة لأصحاب القرار في سوريا: لبنان فخ لا تقعوا فيه. لا تأكلوا من الشجرة المحرمة. العدو يحرضكم على احتلاله، كالشيطان، حتى إذا فشلتم تنصل من المسئولية. مسؤوليتكم اليوم استرجاع أراضيكم المحتلة من الكيان الصهيوني، وترتيب بيتكم الداخلي مع العلويين والدروز والأكراد.
بفضل الله تعالى صدر الكتاب في بيروت، وهو في طريقه إلى المكتبات. الكتاب مطور كثيرًا عن محاضرات شهر رمضان الماضي. ليست قصة للتسلية، ولا أسمح لنفسي بإتلاف وقت الناس؛ وإنما هي قصة تغوص في أعماق النفس الإنسانية.

روى الصدوق: عَنْ رزين قَال قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع): لَمَّا ضُرِبَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (ص) بِالسَّيْفِ فَسَقَطَ ثُمَّ ابْتَدَرَ لِيَقْطَعَ رَأْسَهُ، نَادَى مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ "أَلَا أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ الْمُتَجَبِّرَةُ الضَّالَّةُ بَعْدَ نَبِيِّهَا..."
"إنّي والله أُخيِّرُ نفْسي بين الجنّةِ والنّار، فوالله لا أختارُ على الجنّةِ شيئًا ولو قُطِّعْتُ وحُرِّقْتُ". الحرُّ بن يزيد الرِّياحي.