صالح العُصَيمي
@Osaimi0543
صالح بن عبد الله بن حمد العصيمي- المدرس بالمسجد الحرام والمسجد النبوي. الحساب يشرف عليه أحد محبي الشيخ.
سألني بعض المحبين عمَّا قامت به بعض المكتبات الرَّقميَّة هذا الأسبوع من نشر كتبٍ لي طُبِع آخرُها قبل اثنتين وثلاثين (٣٢) سنةً - أي سنة ١٤١٤ وما قبلها -؛ كفقه الواقع وواقعنا المعاصر، فأُخبرته بعدم رضاي بنشرها، وسبق أن نوَّهتُ بذلك وبيَّنتُه في مقاماتٍ مختلفةٍ…

بذل العون لمن نزل بهم ضرٌّ من محاسن الأفعال، وكريم الخصال، وفِعلُه عبادةً يُصيِّرها من أفضل الأعمال، فاستبقوا الخيرات، وأنجدوا إخوانكم في غزَّة، عبر الحملة التي وجَّه بها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده -وفقهما الله-، والله في عون من أعان أخاه.
(الحسنة) و(السَّيئة) معنا كلَّ يومٍ، فأحسن وِفادة الحسنة، واغسل حَوبة السَّيئة.
أفسدت أخلاقُ السُّوء كلام قومٍ من المنتسبين للعلم، فلا تجد أحدَهم مقبول الكلمة، مهيب الجناب، معظَّم القدر؛ لِما خالطه من الأخلاق الرَّديئة، فسلبت منفعة كلامه، وأزالت بريقه، وجعلته كعصفٍ مأكولٍ، فتعوذوا بالله من مساوئ الأخلاق، واسألوه أخلاق الأنبياء، وأحوال الأتقياء.
حسن الظَّنِّ بالله: طريق الوصول إلى رضاه، فأحسنوا ظنَّكم بربِّكم، فلن تُعدموا خيره؛ اللَّهمَّ ارزقنا حسن الظَّنِّ بك، وحقَّ التَّوكل عليك، ولا تحرمنا فضلك.
من خصال الكافرين أنهم لا يحضون على طعام المسكين، لمحبتهم أنفسهم، ونزع التراحم من قلوبهم، فمن لم يجد شفقة على جوعى غزة فليتدارك دينه، ومن قدر على إيصال لقمة إليهم فليمد بها يده، فحاجته إليها كحاجتهم، قال النبي ﷺ: "وهل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم وفقرائكم"؟.
المعاصي تُقيِّد القلب، فتُعيق صاحبه عن الطاعة، وإذا كثرت ذنوبه استحكم القيد على قلبه وقوي، فاكسروا قيود قلوبكم بالتَّوبة؛ لتسير إلى طاعة ربِّها، فتقدر عليها وتتلذَّذَ بها.
تربَّع حبُّ الدُّنيا في القلوب، فهانت لأجلها على النُّفوس الذُّنوب، فلنتَّعظ من ذهاب عابرٍ ارتحل، لم يجد معه إلا ما عمله من عمل، فأحسنوا إلى أنفسكم بالتَّوبة، وقدِّموا الصَّالحات قبل انقضاء النَّوبة، فمدَّة البقاء هنا قصيرة، وإلى الله المصير، اللَّهم اغفر لنا وتب علينا.
اجتنبوا الحمقى، واحترسوا من دائهم؛ فإنَّ الحماقة داءٌ عُضالٌ، يجمع صاحبها بين ضعف الرَّأي ورعونة الأفعال، ولا يكاد يُشفى منها المصاب بها: (لكل داءٍ دواءٌ يُسْتَطَبُّ بهِ/ إلاّ الحماقةَ أَعيت من يُداويها).
من أُشرِب قلبه اليقين قوي على الصَّبر، ولم يستفزَّه المرتابون، قال الله تعالى: ﴿فَاصبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ اللَّهِ حقࣱّ وَلَا یَستَخِفَّنَّكَ ٱلَّذینَ لَا یوقِنُونَ﴾، وقال النَّبيُّ ﷺ: "يا عبادَ الله اثبتوا"، ومن جواهر ابن تيميَّة قوله: "الخفيف لا يثبت بل يطيش، وصاحب اليقين ثابتٌ".
لك من الهيبة في قلوب الخلق؛ بقدر ما في قلبك من هيبة ربِّك الحقِّ، قال عبيد بن عميرٍ: "الإيمان هيوبٌ"، وقال الفضيل بن عياضٍ: "إنَّما يهابك الخلق على قدر هيبتك لله"، فمن هاب ربَّه ومولاه؛ هِيب جنابه ونجواه.
تدفع مشقَّة الدُّنيا بأمورٍ من أعظمها الصَّلاة، كان النَّبيُّ ﷺ إذا حزبه أمرٌ بادر إلى الصَّلاة، وكان يقول: "أرحنا بها يا بلالٌ"، وقال:"جُعلت قرَّة عيني في الصَّلاة"، ولذلك كان من مقاصد الصَّلاة الاستراحةُ إليها من أنكاد الدُّنيا؛ قاله الشَّاطبيُّ.
صلاح العبد حصنٌ يقيه شرَّ الأشرار وكيدهم، وقد سُئِل بعض الحكماء: "بِمَ ينتقم الإنسان من عدوِّه"؟، قال: "بإصلاح نفسه"، وتصديقه: قول الله تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِی لَیۡسَ لَكَ عَلَیۡهِمۡ سُلۡطَـٰنٌ﴾،فعبوديَّة العبد تدفع عنه شرَّ الشَّيطان، ومَن دونه من ذوي العدوان.
دعاء الله غذاءٌ للرُّوح: يسوقها إلى الخوف من ربِّها ورجائه ومحبَّته، فتخضع له، وتقترب منه، وتجد به راحتها وطمأنينتها، وإكثارها منه إيلاغٌ في الانكسار للعزيز الغفار، واستغراقٌ في طلب عطائه المدرار، فلا تحرموا أرواحكم قوتها، وأريحوها بسؤالها معبودها.
يُضعف سير المتعلِّم ثلاثٌ: عِلاقةٌ سارقةٌ، أو عادةٌ غالبةٌ، أو عائقٌ معطِّلٌ، فالأولى: تعلُّق القلب بشيءٍ غير العلم، ولو كان مباحًا، والثَّانية: عادات النَّاس في أحوالهم الجارية، إذا استولى شيءٌ منها عليه فاستسلم له، والثَّالثة: عارضٌ خارجيٌّ يقطعه عن التَّعلم ويمنعه منه.
المقيم على طاعة الله في المسجد؛ نازلٌ في بيت ربِّه، عاكفٌ بين يديه، فائزٌ بمجالسته ودعاء ملائكته: قال سعيد بن المسيَّب: "من جلس في المسجد فإنَّما يجالس الله عزَّ وجلَّ، فما حقُّه أن يقول إلَّا خيرًا"، وقال النَّبيُّ ﷺ: "لا تزال الملائكة تُصلِّي على أحدكم ما دام في مُصلَّاه الذي…
إذا كان المرء حكيمًا شجاعَ القلب فلن يخدعه مدحٌ، ولن يُوهِنَه قدحٌ، لأنَّه يعرف ما يقول وما يفعل، ويتخيَّر وقتهما الأفضل، لا تُمِيله عنهما الآراء، ولا تكتسحه دونهما الأهواء، فمن عوَّد نفسه ذلك؛ صار مع الأيَّام كذلك، ﴿وَٱلۡعَـٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِینَ﴾.
الشَّجاعة تحمل على الإقدام، وحُسن الرَّأي يُصحِّح فعل المقدام، فإذا اجتمعا سلم صاحبهما من الجُبن المُقعِد والتَّهور المُفسِد: (الرَّأي قبلَ شجاعةِ الشُّجعانِ * هو أولٌ وهي المحلُّ الثَّاني/ فإذا هما اجتمعا لنفسٍ حرَّةٍ * بلغت من العلياءِ كلَّ مكانِ).
يُشرع للصائم الإكثارُ من الدعاء في يومه كلِّه؛ لقول رسولِ الله ﷺ: " ثلاثةٌ لا تُردُّ دعوتُهم"، وذكر منهم "الصائم حتى يفطر". رواه الترمذيُّ وابن ماجهْ. ومايَظُنُّهُ بعضُ الناسِ من اختصاص وقتِ الدُّعاءِ بما قُبيل الفطرِ: غيرُ صحيح؛ فالصائمُ يومُه كُلُّه وقتٌ للدعاء وكذلك عند فطره.
ما أيسر الخير على من أُعين عليه، وما أعظم فضل الله لمن هُدي إليه، غدًا السبت يوافق يوم (عاشوراء)؛ وفي جزاء صيامه قال رسول ﷲ ﷺ: «صيام يوم عاشوراء؛ أحتسب على ﷲ أن يُكفِّر السَّنة التي قبله»، فصوموه واغنموا كفَّارة سنةٍ.
خلودُ (عاشوراءَ) في كونه يومًا من أيَّام اللهِ، نصر اللهُ فيه الحقَّ وأزهق الباطلَ؛ فتستحضرُ قلوبُ المؤمنين عونَ اللهِ ونصرَه، وأنه يُلحِق بالكافرين عقوبتَه وبطشَه، وتشكرُه وتؤدي حقَه.