Asmaa Mughari
@AsmaaMughari
أُم آية وعبود🕊️🦋
وأنا أيضاً أم .. أم لطفلين .. كانا قد أخبراني يومًا أنني أفضل أم بالعالم .. والآن أخبر العالم أن الأم بقيت ولم يبقى طفليها، لأن صهيونيا غادرا حقيرا أنزل صاروخاً وقتلهما ..

جدي شهيد.. وأخي محمد شهيد.. وبيتنا صار أثراً بعد عين! لكن كيف نحمي ارواحنا من ألف كسرة حين نصادف صورا كهذه؟ رحمكم الله بقدر ما افتقدناكم 💔

ناموا بأمان في بيوتكم الدافئة.. لكن عليكم أن تتذكروا أن هناك من ينتظر الموت وهو يشتهي كسرة خبز.
بساقٍ واحدة.. بلا أم.. وبقليل من الطعام بالكاد يجده. بلا أمان.. نزوحٌ وخوفٌ يرافقانه منذ أكثر من 600 يوم. استطاعت إسرائيل أن تفعل كل هذا وأكثر، لكنها لم تطفئ براءة هذا الوجه الجميل. اللهم احمه بعينك التي لا تنام، اللهم لا تسامح من خذله، اللهم امحق إسرائيل ومن والاها.

هُنا ينجو شيءٌ من أثر صغاري.. صغاري الذين لم تنجُ أرواحهم ل29 يوماً تحت الركام.. وإلى آخر عمري.. تحت الثرى!

ربما كان حظ الطفل الشهيد أن تتوقف حياته لينال راحته.. بدلًا من أن ينام جائعاً ، أو أن يقول “ماما بدي خبزة”، فتجيبه أمه مكسورة الحيل: “ما في خبزة يا ماما..” هل عليّ من ذنب أن جوع من تبقى في غزة أشغلني عن روحين لم يفارقاني؟ وهل وصلتُ فعلاً إلى قناعة أن استشهاد آية وعبود، أهون من…

فكرت وبحثت وشعرت وعاينت وسمعت وتألمت بما شهدت من أوجاع الناس وتجويعهم وسفك دمائهم الرهيب كل يوم وهم يأملون الحصول على لقمة ولكن لم يسعفني في التعبير عن كل ذلك غير: حسبنا الله ونعم الوكيل. في غزة لم يعد الكلام ينفع، ولا حتى شرح الموقف، ولا المناشدات، ولا المنشورات والحملات ولا…
والله كلنا حسبنا الله ونعم الوكيل
وجع كبير حموت قهر والله
يا رب نسألك أن تُقسم ظهر من أغلق على غزة الأبواب! يارب نسألك بكل اسم هو لك أن تجعل لأهلي وشعبي فرجا ومخرجا.. حسبنا الله ونعم الوكيل
في دوا كنا بنساير أطفالنا الشهداء عشان يشربوه لما يصير معهم سخونة! شفت فيديو البنت بتبكي وبتطلب من امها جرعة أكتر عشان مشتهياه .. عشان هي جعانة.. عشان ما في اشي حلو تاكله! عشان احنا بأظلم عالم وأظلم بشرية عرفها التاريخ..

شو بيسوى عالمكم لما طفل يحكي لامه "أنا جعان" وما تلاقي شربة مي نضيفة ولا كسرة خبز تطعميه؟ أو مثلاً يمكن الطفل الي استشهد محظوظ! حسبنا الله ونعم الوكيل!
أحزمة نارية.. جوع.. وأطفال.. قليل لو دعينا ينحرق هالعالم كله!
أمي وابنتي.. وشعورٌ بين جمرٍ وجمر.. هذا الرثاء لا يفي!

639 يوماً يا عبود.. تنام أمك في حزنها، متمنيةً لقاءك.. منتظرةً أن تعود لها قوّتها.. تصحو ولا تزال في ضيمها.. أحقًا فقدتك؟ أحقًا يعزّونني بك، ولا عزاء لي غير اللقاء؟ وأسأل من غير حولٍ ولا قوةٍ لي: كيف السبيل لأن ألقى طفلي ولو لحظة؟ تذكرني يا قمري الشهيد.. تذكر أمك..


كيف يستريح من حفِظَ هذه النظرة؟ كيف يجري الدمعُ بلا استئذان يا عبود؟ كيف يا ماما؟

الأم التي تلقّت فاجعتها بقتل طفلها بصبر موجع، والأم التي استقبلته بصراخٍ يكسِر القلب ما إن سُمِع أو شوهد، والأم التي لم تُصدّق، كأم هذا اليوم التي كانت تقول لهم: “هادا ابني ، أعطوني إياه.. محدش ياخده، بدي اياه” كلّنا اجتمعنا على ذات الألم، ذلك الوجع الذي لا يفهمه إلا من عاشه،…

أرواحٌ مقتولة، وقلوبٌ مسحوقة، ينادونها بـ”الأقوياء”، ويعزّونها بالجنة، وكأنّ الجنة صكُّ إعفاءٍ لضميرهم، وكأنّ كسرةَ الخبز التي يتمناها الطفل، أو حتى الطفل نفسه، إن لم يَعُد على قيد الحياة.. لا بأس! لا بأس، لأنه “شهيد”! لا بأس أن نُرمى على هامش هذا العالم، أن نُمحى من ذاكرته، أن…
كان يشفيني هذا الوجه.. كان يكفيني.. وكان يُعظّم في قلبي كل امتنانٍ لأنه مني.. إنّا لله وإنّا إليه راجعون يا ابنتي..
